ادمان الشاشة عند الاطفال

سريعا ما استرجعت طفولتي وما كنت اعتبره مكافأة فلم اتذكر مطلقاً بإن اطلاق الدومابين في دماغي كان من بينها، فالشاشة اليوم وعلى غرار الكوكايين تؤثر بشكل جلي على القشرة الأمامية للدماغ، وبالطبع فإن من نتائجه سلبية التحكم بالانفعالات.

واستوقفني في فترة كتابتي للمقال إن والد اطفالي يشغل شاشة السيارة قبل ان يربط احزمة الامان، الآن صار واضحاً إننا ( اقصد الاسرة ) هي ذلك الجزء المسؤول عن تكوين الاتجاهات المبكرة بما في ذلك الاتجاه الايجابي نحو الشاشة، وبحسب ما ذكرته الدكتورة عبير (استشارية الطب النفسي والتربوي ) “ربطت العديد من الدراسات السلوكية بين قدرة الببغاء على تقليد الأصوات وبين تقمص الاطفال للشخصيات المؤثرة في حياتهم وتقليدهم لكل شيء”، فإن كان الطفل يرى والدته تطبخ وهي تشاهد التلفزيون فلما لا يستحم وهو يشاهد مقاطع الفيديو ؟!

وطالما ان الامر اصبح اكبر مكافأة يتلقاها الطفل فهي الاكثر متعة لديه وعلى الاطلاق.
صادف بأن رأيت اطفال الحي وهم على الأرجوحة ( وهي احدى اهم مظاهر اللعب التقليدية ) ينظرون الى (شاشة الهاتف) ذلك بأنهم اعتبروه وسيلتهم للترفيه، وبهذا الخصوص يقول الدكتور لورنز: “إذا كان أطفالنا يعتمدون على الشاشات للترفيه عنهم ، فقد يكون ذلك علامة تحذير على أنهم مدمنون على الشاشات”.  ويضيف “إذا كان هناك صراع بشأن إيقاف استخدام الشاشة ، فعادة ما تكون هذه علامة تحذير على أنهم مدمنون عليها إلى حد ما وأن أدمغتهم تتوق إليها حقًا” ، ولا اود حقاً ان انقل تجربة جارتي بأخذ هاتفها المحمول من ولدها وما اعقبه من انفعال كثُِرت الاقاويل عنه.

وعندما بحثت عن تلك الاضطرابات المصاحبة لهكذا نوع من الادمان وجدت اقتراح العديد من الباحثين والمختصين في المجتمع النفسي اضطرابًا جديدًا يسمى اضطراب ألعاب الإنترنت (internet gaming disorder) ذلك للتعرف على الأنماط غير الصحية لممارسة الألعاب على الشاشة.

اشارة الى ما سبق فإن ادمان الشاشة لم يعد اختياري فقد يكون نتاج مشاكل الصحة العقلية الاخرى ، وتعزيزا لهذا فقد أفاد الدكتور أندرسون (دكتوراه ، عالم نفس إكلينيكي) أنه وجد نفسه يقول للوالدين ، “نحن نتفهم بأن طفلك مدمن على الألعاب ، ولكن ربما يكون قلقًا اجتماعيًا. او يحتمل أنه مصاب بالاكتئاب. حتى انه قد يعاني من اضطراب في التعلم. ” حتى ان نتائج العديد من الدراسات اكدت ان الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والاضطرابات عموما أكثر عرضة للإدمان على الإنترنت مقارنة بالأطفال العاديين.

ختاماً فإن كان ادمان الشاشة هو المسبب للإضطرابات او هو نتاج تلك الاضطرابات يبقى بطل المقال هو طفلي وطفلك ذلك المؤسس للجيل الواعد والمنتظر بالمستقبل القريب، الكائن اللطيف الواجب حفظ حقوقه وتطبيقها على ارض الواقع ذلك بالتوجيه والارشاد المستمرين فكما له الحق بالحياة فإن من حقوقه اتخاذ القرارات التي تصب في مصلحته، وحمايته من العمل المؤذي، فأطفالنا امانة في اعناقنا.