فيــتــامـيــن (د) وصــحـتــنــا

في الاونة الاخيرة نلاحظ تزايد حالات الاشخاص الذين لديهم نقص في فيتامين (د) وتزايد مخاوفهم من عواقب هذا النقصان رغم اننا في بلد تكاد الشمس تكون متعلقة به لا تفارقه طيلة السنة. لذا ارتأينا من خلال هذا المقال ان نسلط الضوء على بعض الجوانب المتعلقة بهذا الفيتامين المهم الذي اصبح نقصه هاجسا لأغلب الناس. يعد فيتامين (د) من الفيتامينات الذائبة بالدهون وهو من الدهون الستيرويدية التي يعد الكوليسترول من اهم انواعها واملاح الصفراء الموجودة في المرارة تساعد على سهولة هضمه ومن ثم امتصاصه. يمتلك هذا الفيتامين ادوارا بايلوجية عديدة في جسم الانسان اذ يتم تصنيعه في الجسم عن طريق تعرض الجسم وخصوصا الاطراف الى اشعة الشمس عند الاطوال الموجية 290-315 نانوميتر (الاشعة الفوق البنفسجية) , في الصيف يكون التعرض من الساعة الثامنة والنصف صباحا الى الساعة العاشرة والنصف صباحا وفي الشتاء من الساعة العاشرة صباحا الى الساعة الثانية ظهرا ولمدة عشر دقائق الى ربع ساعة اذ توجد مادة مشتقة من الكوليسترول في احد طبقات الجلد عند تعرضها الى هذا النوع من الاشعة تتحول الى فيتامين (د) غير الفعال او ما نسميه مولد فيتامين (د) ومن ثم ينقل عن طريق الدم الى الكبد ومن ثم الى الكليتين ليتحول الى فيتامين (د3) الفعال والذي يقوم بفعاليات مختلفة داخل جسم الكائن الحي. تعد النباتات من ضمن المصادر التي بامكانها تصنيع مولد فيتامين (د2) وعند تناولها تتحول الى فيتامين (د) الفعال وبنفس الالية السابقة ومن اهمها المشروم والذي يعد اكثر النباتات الغنية بهذا الفيتامين, عصير البرتقال, الطماطم اضافة الى المصادر غير النباتية مثل سمك السلمون والسردين والتونة,  وكبد الابقار.[2,1]

فيتامين (د) والكالسيوم

السؤال هو, هل يوجد علاقة بين الكالسيوم وفيتامين (د) وهل نقص هذا الفيتامين يؤدي الى نقص الكالسيوم ايضا؟

وللأجابة على ذلك نقول نعم هناك علاقة بين الاثنين اذ ان فيتامين (د) بعد تحوله الى الشكل الفعال عن طريق الكلية يقوم بعملية تسهيل امتصاص الكالسيوم من القناة الهضمية وتحديدا من الامعاء وبذلك تكون الكليتين قد ساهمت في الحفاظ على مستوى الكالسيوم في الدم عند انخفاضه وعند حدوث نقص في هذا الفيتامين يؤدي الى نقصان في امتصاص الكالسيوم من الامعاء وبالتالي عدم المحافظة على تركيزالكالسيوم الطبيعي في الدم    (3).

فيتامين (د) والعظام

يعد الكالسيوم من العناصر المهمة المكونة لعظام اجسامنا اذ إن 99% من كالسيوم الجسم يوجد في العظام والاسنان و 1% منه فقط يوجد في الدم والانسجة الرخوة. ان عدم اخذنا ما يكفي من فيتامين (د) للحفاظ على مستوى الكالسيوم الطبيعي في الدم (8.5-10.3 ملغم/ دسيليتر)  يؤدي الى تحرر الكالسيوم من العظام الى الدم للحفاظ على هذا المستوى وينتج عن ذلك الكساح عند الاطفال وهشاشة العظام عند البالغين (4).

اعراض نقص فيتامين (د)

من اهم اعراض نقص هذا الفيتامين هي الضعف العضلي,  الشعور بالتعب والاعياء اضافة الى الشعور بالاكتئاب. وعادة هذه الاعراض تكون مشابهة لاعراض حالات مرضية اخرى لذا لايتم تشخيص نقص فيتامين (د) الا بالتحاليل السريرية المختبرية (5).

فيتامين (د) وحالات المزاج

يؤدي انخفاض مستويات فيتامين (د) إلى إضعاف الوظيفة الإدراكية لنا نظرا لوجود مستقبلات فيتامين (د) في مناطق الدماغ المسؤولة عن الحالة المزاجية والسلوك ، بما في ذلك الإصابة بالاكتئاب.  من المواد التي يكون فيتامين (د) له دور في تصنيعها والتي لها دور في شعورنا بالسعادة, على سبيل المثال الدوبامين الذي يتحرر عند الشعور باالارتياح والرضا والاندروفين الذي يتحرر عند ممارسة الرياضة والاوكسيتوسين الذي يتحرر عند الولادة وتعلق الام بوليدها والسيروتنين الذي يتحرر مثلا عند تناول نوع من الغذاء الذي نحبه. من هذا نستنتج ان فيتامين (د) جدا مهم لتحسين حالات المزاج اليومي لنا (6).

فيتامين (د) والكوليسترول

كثيرة هي المخاوف من تناول الكوليسترول (الدهون الحيوانية) والامتناع عن تناول المصادر الغذائية التي تحويه والتشديد من قبل الاطباء على ذلك خوفا من الاصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين ولكن مقابل كل ذلك لولا الكولسترول سوف لن يتم تصنيع فيتامين (د) في اجسامنا اذ يعد المادة البادئة الموجودة في خلايا الجلد لتصنيع الفيتامين من اشعة الشمس ولولا الكوليسترول لما تم تصنيع املاح الصفراء في كيس المرارة والتي تعد مهمة جدا في تسهيل هضم وامتصاص الدهون, ولولا الكوليسترول لما كان هناك الهرمونات الجنسية الذكرية والانثوية والتي لايغفى عنا دورها البايلوجي في اجسامنا, اضف الى ذلك جميع الاغشية الحيوية لخلايا اجسامنا تحوي على نسب معينة من الكوليسترول والاهم من كل ذلك النواقل التي تنظف انسجة اجسامنا من الدهون الضارة مكونة من الكوليسترول. بعد كل هذه المعلومات نقول تناول المواد التي تحوي على الكوليسترول جدا مهم ولكن بدون افراط وخصوصا اذا كنت شخصا سليما معافى لا تعاني من تصلب الشرايين او لديك زيادة في مستوى الكوليسترول (7).

فيتامين (د) وداء السكري

كلنا نعرف ان الانسولين هو المسؤول عن تنظيم سكر الدم (الكلوكوز) اذ يعمل على تحفيز دخوله الى الخلايا ويعمل على تثبيط تكوينه داخل الجسم ويحفز تكوين الكلايكوجين من الكلوكوز الفائض  ويحفز عملية التحلل السكري لانتاج الطاقة. يقوم فيتامين (د) بمنع اي اضطراب او خلل يصيب خلايا بيتا  للبنكرياس التي تصنع الانسولين وبذلك يقوم بتحفيز زيادة تصنيع وافراز الانسولين عند الحاجة اليه.  كما يقوم بتثبيط المقاومة التي  تبديها الخلايا تجاه الانسولين (8).

فيتامين (د) والصفيحات الدموية

من المعلوم ان الصفيحات الدموية والتي هي احد مكونات الدم تجمعها او زيادتها قد يسبب انسداد للمجرى الدموي او مانسميها الجلطة او الخثرة  وقد اوجدت الدراسات الحديثة ان هناك علاقة بين زيادة اعداد هذه الصفيحات ونقص فيتامين (د) اذ اوجدت الدراسة ان النقص الحاد في فيتامين (د) يرافقه ازدياد في اعداد الصفيحات الدموية وبالتالي يكون الشخص اكثر عرضة للاصابة بامراض القلب والاوعية القلبية وخصوصا الاشخاص الذين لديهم زيادة مفرطة في الوزن (9).

فيتامين (د) وصبغة الميلانين

صبغة الميلانين هي الصبغة المسؤولة عن لون الجلد او البشرة وتختلف نسبتها من شخص لأخر. مثلا اصحاب البشرة السمراء يحتاجون الى وقت تعرض لأشعة الشمس اكثر من ذوي البشرة البيضاء والسبب في ذلك ان صبغة الميلانين تنافس المادة البادئة لتوليد فيتامين (د) الموجودة في خلايا الجلد في امتصاص الاشعة الفوق البنفسجية التي تم ذكرها سابقا في هذا المقال (10).

فيتامين (د) وفايروس كورونا

لاحظنا خلال فترة انتشار فايروس كورونا, ينصح بإعطاء المصابين وغير المصابين بـ فيتامين (د) والسبب يعود الى ان هذا الفيتامين يعزز المناعة الذاتية للجسم عن طريق زيادة انتاج مواد ببتيدية مضادة للميكروبات في الخلايا الظهارية للجهاز التنفسي اذ ان هذه المواد لها القدرة على التداخل مع الغشاء الحيوي للميكروب وتحطيمه. اضافة الى ذلك ان الفيتامين يحفز المناعة الخلوية عن طريق زيادة انتاج المواد المضادة للالتهاب تدعى السايتوكينات وتثبيط السايتوكينات المولدة للالتهاب والتي تعصف بخلايا الجهاز التنفسي وتسبب الضائقة التنفسية وبهذة الميكانيكية يمنع فيتامين (د) هذه الضائقة لدى مرضى كورونا (11).

علاج نقص فيتامين (د)

يتم علاج نقص الفيتامين عن طريق التعرض المباشرلأشعة الشمس وليس من خلال النوافذ وعن طريق الغذاء الغني بفيتامين د وفي حالات النقص الشديد يوصي الاطباء بتناول المكملات الغذائية المتوفرة في الصيدليات المتمثلة بـ فيتامين (د2) وفيتامين (د3) وكلاهما يرفع من مستوى الفيتامين في الدم  ولكن فيتامين (د3) يرفع بشكل اكبر. ان تناول قرص من فيتامين (د) بتركيز 1000-2000 وحدة دولية يعد امنا ومفيدا في حالات نقص الفيتامين اما اذا كان النقص غير شديد فيفضل سد النقص بتناول الاغذية الغنية بهذا الفيتامين  (12) والتي تم ذكرها سابقا.