- يونيو 27, 2022
- طب و صحة
- التوحد , التواصل الاجتماعي , تلوث الهواء
التلوث البيئي وعلاقته بأطفال التوحد
كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة هارفرد الأمريكية، ونشرتها مجلة (Environmental Health Perspectives) العلمية، عن علاقة قوية بين تلوث الهواء ومتلازمة التوحّد؛ إذ إن استنشاق المرأة الحامل لذرات ملوثة من نوع معين تعيق تطوّر دماغ الجنين، ليصبح مشابهاً لدماغ المصابين بالتوحد، ومن ثم يزيد الاحتمال بأن يولد لها طفل مصاب (3) حيث قام الباحثون خلال الدراسة بفحص العلاقة بين التعرض لملوث هواء ذي جزيئات صغيرة جداً يدعى (PM2.5) خلال فترة الحمل، وبين خطر إصابة الطفل بالتوحد .
حيث ان PM2.5، وهو مصطلح يستخدم لوصف خليط الجزيئات الصلبة والقطرات السائلة في الهواء، وتشمل بعض الأمثلة مثل الغبار والرماد والجسيمات (بما في ذلك السخام) التي تنبعث أثناء احتراق الوقود الصّلب والسّائل (4) ، ويذكر أن هذه الذرات الملوثة من نوع (PM2.5)، وهو موجود في الهواء بشكل طبيعي، إلا أن التلوث الذي ينتج عن المصانع وعوادم السيارات يساهم في تغيير التركيب الكيميائي لهذه الذرة، ليضم مركبات معدنية ومركبات عضوية مضرة. ومن ثم فإن هذه الذرات الصغيرة جداً تستطيع الدخول إلى الرئة والاندماج في الأوكسجين الخارج إلى الدورة الدموية (وهو ما اتفق عليه العلماء أنه يتسبب بالسرطان)، ويمكن لقسم منها أن ينتقل من الأم إلى الجنين وإلى دماغه الذي في طور النمو(5).
يعتبر تلوث الهواء، الناجم عن الاختناقات المرورية في المدن الكبرى، أحد أبرز التحديات أمام البلدان الغنية والفقيرة على حدٍّ سواء، نظرًا للتداعيات الصحية الكبيرة الناجمة عنه، وأبرزها أمراض الرئة والقلب والسرطان والسكتة والسكري والكلى.
وفي أحدث حلقة ترصد خطر تلوث الهواء على الأجنة، حيث تخترق الجسيمات السامة -التي تستنشقها الأم في أثناء الحمل-المشيمة عبر مجرى الدم لتصل إلى الجنين حيث توصلت دراسة أجراها باحثون بجامعة سايمون فريزر الكندية، ونُشرت تفاصيلها في دورية (JAMA Pediatrics)، إلى أن الأطفال الذين تعيش أمهاتهم في المدن الأكثر تلوثًا في أثناء الحمل، قد يكونون أكثر عرضةً للإصابة بمرض التوحد، وينبع الخطر في هذه المرحلة من كون مرحلة نمو دماغ الجنين هي مرحلة حساسة جداً وحرجة، ومن ثم فإن وجود هذا الملوّث – بحسب الدراسة- يتسبب بالتهابات في خلايا الدماغ ويعيق إنتاج الخلايا العصبية وانقسامها وتحركّها لمكانها المناسب في الدماغ، كما أنه قد يتسبب بنمو غير طبيعي لقشرة الدماغ المسؤولة عن النشاط الذهني المعقد 6)).
وكانت دراسة سابقة قد كشفت أن الأطفال الذين يعيشون في المناطق التي تتعرض بكثرة للجسيمات الدقيقة المحمولة جوًّا تزيد فرص إصابتهم بالإعاقة الذهنية بنسبة 33%، كما أن الأطفال الذين يعيشون في المناطق التي ترتفع فيها مستويات نسبة ثاني أوكسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون، يزيد فيها خطر إصابة الأطفال بإعاقة ذهنية إلى 30%، أما في المناطق التي ترتفع فيها نسب ثاني أكسيد الكبريت فتبلغ النسبة 17% حيث يُعَد أكسيد النيتريك بين ملوِّثات الهواء المنبعثة من عوادم المركبات، وهو يؤدي دورًا مهمًّا في التأثير على الوظائف العصبية، ويؤثر على ضغط الدم، ونظام المناعة، وكذلك الاضطرابات الأيضية، وأمراض الرئة (7).
قام باحثون بعمل دراسة حول تأثير ملوثات الهواء على اضطراب طيف التوحد المعتدل في عينة من أطفال العراق المقيمين في العاصمة بغداد من خلال متابعة جودة الهواء في مناطق مختلفة في بغداد من خلال قياس تركيز ملوثات الهواء وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون ، ثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت والأوزون وإجمالي الجزيئات الدقيقة العالقة و MP10 خلال 2017-2018 ومقارنة المستويات مع المستويات القياسية لملوثات الهواء. وبناءً عليه ، أختير عينة من الأطفال المصابين بالتوحد (عددهم 25 ، أطفال في سن المدرسة ، 4-10 سنوات) الذين يعيشون في منطقة عالية الملوثات ودرس مصادر التلوث الأقرب إلى المنطقة السكنية للأطفال. تم تشخيص الاندماج النفسي لهؤلاء الأطفال. جميع النتائج مقارنة بعينة أطفال أصحاء من نفس العمر. أشارت نتائج جودة الهواء إلى ارتفاع نسبة التلوث في حي الوزيرية عن الأحياء الأخرى ، تمثلت في زيادة تركيز الملوثات. كما أظهرت النتائج أن الأطفال المصابين بالتوحد يعيشون بالقرب من عدة مصادر للتلوث مثل مخبز أو محطة وقود أو مصنع صناعي أو محرقة نفايات أو مولدات طاقة. نسبة 80٪ من الأطفال تحت الدراسة كانوا من الأطفال المصابين بالتوحد المتوسط ، ولكن 20٪ من الأطفال المصابين بالتوحد لديهم توحد شديد. قد يكون التعرض المستمر لهذه الملوثات سببًا لتفاقمها. كانت المنطقة السكنية للأطفال الأصحاء خالية بشكل ملحوظ من مصادر التلوث تلك ، 0.0001 <p> 0.0000. يعاني الأطفال المصابون بالتوحد من نقص كبير في التكامل الحسي والنفسي عند مقارنتها بالأطفال الأصحاء وخلاصة القول ان احياء بغداد تختلف في نسب جودة الهواء ، لكن حي الوزيرية اظهر ارتفاعا في تراكيز الملوثات اكثر من الاحياء الاخرى مما قد يؤثر سلبا على اضطراب طيف التوحد ويؤدي الى توحد شديد. لذلك أوصت الدراسة بحماية الأطفال المصابين بالتوحد أو الأمهات الحوامل من التعرض المستمر والمباشر لمصادر التلوث (8).
- Analysis of linkage disequilibrium in gamma-aminobutyric acid receptor subunit genes in autistic disorder. — نشر في: American Journal of Medical Genetics Part A — المجلد: 96 — الصفحة: 43-48 — العدد: 1 —
- Global prevalence of autism: A systematic review update. Zeidan J et al. Autism Research 2022 March.
- O’Fallon, Liam R., and Allen Dearry. “Community-based participatory research as a tool to advance environmental health sciences.” Environmental health perspectivessuppl 2 (2002): 155-159.
- Nazarenko, Yevgen, Devendra Pal, and Parisa A. Ariya. “Air quality standards for the concentration of particulate matter 2.5, global descriptive analysis.” Bulletin of the World Health Organization2 (2021): 125.
- Strak, Maciej, et al. “التأثيرات الصحية للحبيبات العالقة بالهواء على التنفس: دور حجم الجزيئات وتركيبها وجهدها المؤكسد (مشروع الرابتس).” Environmental Health Perspectives8 (2012).
- O’Fallon, Liam R., and Allen Dearry. “Community-based participatory research as a tool to advance environmental health sciences.” Environmental health perspectivessuppl 2 (2002): 155-159.
- نبال العلي. “دراسة تأثير تلوث الهواء الناتج عن عوادم السيارات في العناصر التشخيصية والصفات المورفولوجية لبنى الأوراق عند نبات الدفلة Nerium olender L.” Tishreen University Journal-Biological Sciences Series6 (2014).
- Abdullah, Sara A., Zahraa S. Al-Garawi, and Basim W. Al-Aasmi. “The adverse effect of air pollution on the pathogenesis of autism spectrum in a sample of Iraqi children: دراسة التأثير العكسي لتلوث الهواء على اضطرابات طيف التوحد لدى عينة من الأطفال العراقيين.” مجلة العلوم الطبية و الصيدلانية3 (2020): 40-21.