النظام اللاتلامسي لتخمين العلامات الحيوية من صورة وجه الإنسان

 

شارك المقال

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on telegram
Telegram
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on linkedin
LinkedIn

إقرأ ايضا

لقد طرحت جائحة كورونا الكثير من التحديات على المستوى العلمي والاجتماعي مما حفز الباحثين على الابتكار لتخطي الأزمة وتأسيس أنماط جديدة من التعاملات الحياتية وابتكار أجهزة ومنظومات تسهل التعامل بين المواطنين مع تقليل احتمالية انتقال العدوى. تركزت جهود الكثير من الباحثين على تطوير أنظمة لاتلامسية لأداء المهام اليومية والمتكررة التي لا مناص منها والتي تحتاج إلى التلامس المباشر بين شخصين أو تكرار ملامسة جهاز أو سطح معين من قبل أشخاص متعددين بصورة متتالية. إن الحلول الآنية لهذه المشكلة تمثلت في استخدام الأقنعة والكمامات والكفوف البلاستيكية والتعقيم الشخصي وكذلك تعقيم الأسطح والأجهزة التلامسية قبل كل استخدام. قد يبدو هذا الأسلوب هو الحل الوحيد بالرغم من إضاعة الوقت والمضار الناجمة عن كثرة استخدام المعقمات ناهيك عن الإفراط فيها من قبل بعض الناس بدافع الخوف. ماذا لو استطعنا تجنب الملامسة وتحقيق غاية ما بدون تلامس بشري أو بدون ملامسة جهاز القياس؟ بل وعلى مسافة آمنة من الذي يقوم بعملية القياس؟
تساؤلات مهمة
  • ماذا لو استطعنا قياس نبض المريض ومعدل ضربات قلبه بدون ملامسته ولا حتى ربطه إلى جهاز قياس النبض المعتاد؟
  • هل يمكن قياس نسبة الأوكسجين في دم شخص ما دون المساس به أو احتكاكه بوحدة قياس معينة؟
  • ماذا عن قياس الضغط؟ هل نستطيع أن نعوض الكف الخاص بالنفخ وسماعة الطبيب بأداة قياس دون مساس؟
  • لو كان بالإمكان تحقيق ذلك فهل ستكون الكلفة باهظة ويصعب تعميمها؟
تم إعداد هذه المقالة للإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها.
الدم وعلاقته بالعلامات الحيوية
لا يخفى على القارئ الكريم أن جميع التساؤلات المذكورة آنفاً متعلقة بدم الإنسان، والدم يدور في جسمه نتيجة ضخه بواسطة القلب في دورة دموية تهدف إلى تغذية الجسم بالأوكسجين وطرح ثاني أوكسيد الكربون عن طريق الرئتين بالشهيق والزفير. وكذلك إيصال الغذاء إلى الخلايا وطرح السموم وغيرها. أي أن دورة الدم يمكن الاستدلال بها على معدل النبض، ويمكن معرفة معدل التنفس منها أيضاً. كما أن صفات الدم الفيزيائية والكيميائية تتأثر بكمية الأوكسجين فيه. ولا شك أن قياس الضغط هو مقياس لضغط الدم والذي يعني قياس مقدار مقاومة الأوعية الدموية لتدفق الدم عند تقلص عضلة القلب (الضغط العالي) وعند انبساطها (الضغط الواطئ). إن إدراك الأطباء والباحثين لهذه الحقائق أدى إلى بناء أجهزة القياس التقليدية وابتكار طرق القياس السريرية والمختبرية المعروفة.

لكن الموضوع لم يتوقف عند هذا الحد، بل عكف العلماء على البحث عن طرق بديلة حتى قبل جائحة كورونا، وتأكدت الحاجة لهذه البدائل أثناء الجائحة.

إن تدفق الدم إلى خلايا الجسم يسبب تغييراً لونياً في تلك الخلايا بسبب لون الدم، بل ويكون التغير مستمراً أي متدرجاً وليس ذو قيمتين فقط (موجود / غير موجود). ولو تمكنا من تحويل هذا التباين اللوني إلى إشارة ومن ثم تحليلها فلربما نحصل على الكثير من القياسات الحيوية المطلوبة. ويعتبر وجه الإنسان من الأعضاء الأساسية التي يمكن دراسة هذا التغير من خلاله. ويوضح الشكل رقم (1) صور متعددة لوجه إنسان كما تراه أعيننا في الصف العلوي بينما تظهر نفس الصور في الصف السفلي بعد معالجتها وتكبير التباين اللوني للوجه حين امتلائه بالدم ومن ثم تراجع الدم منه إلى القلب. لكن العين البشرية المجردة لا تبصر هذا التغير اللوني ولا يمكنها ملاحظته فضلاً عن تحليله. فما هي الأدوات والأساليب التي يمكن الإفادة منها لهذا الغرض؟

شكل رقم (1 ) : لقطات فيديو متتابعة (a ) قبل تكبير التباين اللوني و (b ) بعد تكبير التباين اللوني للوجه مع
الزمن بسبب الدورة الدموية.

الأدوات والأساليب المفيدة لاستخراج العلامات الحيوية من فيديو الوجه

تم اقتراح استخدام أساليب المعالجة الصورية للفيديو الملتقط لشخص معين واستخدام الذكاء الصناعي لتحديد الوجه وتتبعه طيلة الفيديو. ويتم اختيار منطقة محددة من الوجه وتعظيم التباين اللوني لها بين كل لقطة فيديو والتي تليها ومن ثم تحويل هذا التباين إلى إشارة تسمى (PPG)، وهي تشبه الإشارة المستخلصة بجهاز رسم نبضات القلب كهربائياً (ECG)، كما في الشكل رقم (2). بعد ذلك تبدأ مرحلة معالجة هذه الإشارة لاستخراج قيم العلامات الحيوية لذلك الشخص.

يتم تصوير الفيديو باستخدام كاميرا ويب عامة الاستخدام مدعمة بوحدة إضاءة معتدلة، ويفضل أن تكون خلفية الصورة ذات لون وطبيعة مناسبة لتسهيل عمليات المعالجة الصورية كما يبين الشكل رقم (3). أي أن الأدوات اللازمة غير تخصصية، بل ويمكن الحصول عليها من الأسواق المحلية، كما ويمكن كتابة البرمجيات من قبل متخصصين في معالجة الصور والذكاء الصناعي. ويمكن لهذه المنظومة العمل على بعد ما يقارب متر واحد عن الشخص المطلوب فحصه ولا تحتاج إلى أي تماس معه لا بشريا ولا بواسطة معدات معينة، أي لا يتم ربط أي متحسسات على جسم المريض. يجدر بالذكر أن الخوارزميات والبرمجيات المستخدمة لهذا الغرض بالغة التعقيد، ولكن يمكن تنفيذها بدقة عالية باستخدام الحواسيب الحديثة.

شكل رقم (2) : توضيح لمخطط المنظومة التي تستخلص اإلشارات الحيوية من فيديو الوجه

شكل رقم(3) :(a ) إشارة (ECG ) المأخوذة من جهاز رسم نبضات القلب كهربائياً. (b )إشارة
(PPG )المستخلصة من التباين اللوني لفيديو الوجه.

 

ونظراً لأهمية الموضوع فلم يقتصر دورنا على دراسة الأعمال السابقة، لذا تم تصميم وتنفيذ منظومة تقوم بتخمين أربع علامات حيوية في آن واحد وبالزمن الحقيقي أي بدون تأخير وبشكل متزامن مع التصوير الفيديوي. العلامات الحيوية التي تقوم المنظومة بتخمينها هي عدد نبضات القلب في الدقيقة ومعدل التنفس ونسبة الأوكسجين في الدم وكذلك حساب ضغط الدم العالي والواطئ. يتم إيجاد كل ذلك من خلال فيديو الوجه. تحتاج المنظومة إلى ست ثوانٍ فقط لتعطي النتيجة الأولى ومن ثم تستمر بتحديث جميع القيم لحظياً أي في الزمن الحقيقي.

وكذلك تم تصميم منظومة للاستقبال الذكي اللاتلامسي لتخمين العلامات الحيوية يمكن وضعها في مداخل المؤسسات الصحية بشكل خاص والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية بشكل عام. تتكون المنظومة من حاسوب مزود بالبرمجيات المذكورة آنفاً وكاميرا ويب مزودة بوحدة إضاءة كما أضيف لها وحدة وزن وضعت في الأرضية التي يقف عليها الزائر، بالإضافة إلى إمكانية قياس طول الزائر من الفيديو مباشرة. وتكون هذه المنظومة تحت تصرف موظف متخصص يقوم بالأعمال التالية:

  • عند وقوف الزائر بمواجهة كاميرا المنظومة يطلب منه الوقوف باعتدال ويراقب الموظف المختص ظهور صورته على الشاشة بشكل واضح. وسؤال الزائر عن بياناته الشخصية.
  • في تلك الأثناء يبدأ البرنامج بالعمل واستخراج العلامات الحيوية وإظهارها على الشاشة.
  • يمكن السماح للزائر بالدخول إلى المؤسسة إذا تبين أن علاماته الحيوية طبيعية أو إحالته إلى وحدة طبية متخصصة.
  • ويقوم الموظف بخزن بيانات الزائر والقيم الحيوية المقاسة له وإحالتها إلى الكادر المختص، بمجرد وقوف الزائر أمام المنظومة لأقل من دقيقة واحدة.
النتائج

أظهرت التجارب أن نسبة الدقة للعلامات الحيوية المستخلصة من فيديو الوجه تتراوح بين 93% و98% مقارنة مع الأساليب التقليدية. يلاحظ أن هذه النتائج تبدو واعدة، ولكنها تحتاج إلى تصنيع نموذج تجريبي يوضع في مدخل إحدى المؤسسات ليتم إجراء التجارب الواقعية عليه وتحديد نقاط الضعف وتجاوزها.

الآفاق المستقبلية

يمكن تطوير المنظومة بشكل عام لتؤدي خدمة أفضل باستقلالية أعلى. كما ويمكن إعادة قولبتها لتلائم عمل المؤسسات التخصصية والتي لها احتياجات مختلفة عن غيرها. وندرج أدناه بعض الآفاق المستقبلية المتوقعة أو التي نرى أنها تزيد من كفاءة الأداء.

  • الاعتماد على الذكاء الصناعي في كشف صورة الوجه وتحديد هوية الشخص دون الحاجة لسؤاله عن اسمه وبياناته الشخصية.
  • إضافة قياس الحرارة باستخدام كاميرا حرارية أو جهاز قارئ الحرارة عن بُعد، بَعد تطوير مداه.
  • ربط بيانات الزائر الجديدة مع سجله الإلكتروني السابق إن وجد.
  • إعطاء تحذيرات في حال تجاوز القيم الحيوية المقاسة للزائر الحدود الطبيعية.
  • يمكن تطوير المنظومة للعمل آلياً وذاتياً دون الحاجة للتدخل البشري.
  • محاولة تطوير نسخة من المنظومة لتعمل على شكل تطبيق على أجهزة الهاتف المحمول.
  • مشاركة النتائج آنياً وعرضها على حواسيب أخرى وحسب طبيعة عمل تلك المؤسسة.
  • استخدام منظومات متعددة في مداخل المؤسسات ذات العدد الكبير من الزوار لتجنب الزخم مع إمكانية ربطها معاً من خلال شبكة حاسوبية.
الخاتمة

يمكن اعتبار هذه المنظومة خطوة بداية لتطوير هكذا منظومات وإدخالها حيز التجريب العملي خدمةً لمجتمعنا والإسهام في تجنيب أهلنا الإصابة بالأمراض المتفشية بسبب الاستخدام المتكرر لنفس المعدات الطبية، بالإضافة إلى حماية الكوادر الطبية والموظفين من خلال الكشف المبكر الآلي للأشخاص المحتمل أن يكونوا مصابين دون التقصير في تقديم الخدمات الأولية المطلوبة.

المصادر
  1.  Hao-Yu Wu, et al. “Eulerian Video Magnification for Revealing Subtle Changes in the World” ACM Transactions on Graphics, Volume 31, Number 4 (Proc. SIGGRAPH), 2012.
  2. X Niu, S Shan, H Han, X Chen,” RhythmNet: End-to-end Heart Rate Estimation from Face via Spatial-temporal Representation” IEEE Transactions on Image Processing, 2020.
  3. http://alumni.media.mit.edu/~djmcduff/assets/remote-physiology.html Last accessed 20/6/2022.
  4. Mousavi, Seyedeh Somayyeh et al. “Blood pressure estimation from appropriate and inappropriate PPG signals using A whole-based method.” Biomed. Signal Process. Control. 47 (2019): 196-206.
  5.  Duaa H. Ali, Mazin H. Aziz “Contactless Real-Time Vital Signs Monitoring Using a Webcam” Asian Journal of Computer Science Engineering; 6(3):8-17 2021.