المُخَدِّراتُ آفَةُ مُجْتَمَعِنا الشَّبابِيِّ

 

شارك المقال

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on telegram
Telegram
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on linkedin
LinkedIn

إقرأ ايضا

تُعَرَّفُ المخدراتُ من الناحيةِ القانونيةِ بأنَّها مجموعةٌ مِنَ المَوادِّ التي تُسَبِّبُ الإدمانَ على تناوُلِها مِنْ قِبَلِ المُتَعاطيِّ وتُؤَدِّي إلى ظُهورِ أفعالٍ وتَصَرُّفاتٍ تُؤْذي النَّفْسَ البَشَرِيَّةَ كما تُعرَّفُ بِأنَّها مادَّةٌ كيميائيةٌ تُؤثِّرُ في الخلايا الأساسيةِ للإنسانِ وتُسَبِّبُ النُّعاسَ والنَّوْمَ وغِيابَ الوَعْيِ. وأمَّا مُصْطَلَحُ (المجتمع) فُيَعَرَّفُ بأنَّه مجموعةٌ مِنَ الأشخاصِ تعيشُ وتسكُنُ سَوِيَّةً لفترةٍ مِنَ الزمنِ لِخَلْقِ وتنظيمِ نفسِها كَوحدةٍ اجتماعيةٍ مُمَيَّزَةٍ، والأساسُ الذي يقومُ عليه المجتمعُ هو وجودُ مجموعةٍ من الأفرادِ في إقليمٍ محدودٍ كوحدةٍ ذاتِ كيانٍ خاصٍّ. كما يُعَرَّفُ بأنَّه مجموعةٌ من الأفراد تقطُنُ بِبُقعَةٍ جغرافيةٍ محدودةٍ وتربُطُها علاقاتٌ قويةٌ كاللغةِ والتاريخِ والعاداتِ والتقاليدِ الاجتماعيةِ والأهدافِ المشتركةِ، وإنَّ مِنْ أهَمِّ التحدِّيات والصُّعوباتِ الكَبيرةِ التي تَعصِفُ المُجتَمَعاتِ وتُرَكِّزُ على شَريحةِ الشَّبابِ وتُهَدِّدُ أَمْنَهُ الاجتماعيَّ هُوَ ظاهرة انتشارِ المُخَدَّراتِ بِكُلِّ أنواعِها ومِنها الأفيون، والحشيشة، والهيروين، والكوكائيين، والبروكايين. وهناك (عقاقيرُ) أخرى مثل الثيروين، والبينازولين. ومِن أهم تأثيراتِها على جسم الإنسان تأثيران هما:
أ- آثارٌ صِحِّيَّةٌ ونفسيةٌ واجتماعيةٌ:
قد يُصابُ الإنسانُ بآثارٍ بالغةٍ تُؤَدِّي إلى فُقدانِ حياتِهِ ومِنها التي تُصيبُ الجهازَ العصبيَّ والجهازَ التنفُسيَّ والجهازَ الدَّوْريَّ والجهازَ الهضميَّ، وتؤدِّي أيضاً إلى فُقدانِ الشَّهِيَّةِ للطعام مِمَّاً يجعَلُ الجسمَ نحيفاً وضَعفٍ عامٍّ مصحوبٍ باصفرارِ الوجهِ وكذلك تُسبِّبُ فقرَ الدَّمِ الشديدَ وتَكَسُّرَ كُرَيّاتِ الدَّمِ الحمراءِ وقِلَّةَ التغذيةِ، وكما أنَّ لها تأثيراً كبيراً بإصابةِ الذكور من المتعاطين بالضَّعفِ الجنسي بَعدَ (مُدَّةٍ، فترة زمنية) مِنَ التَّعاطي المُسْتَمِرِّ، ولها أيضاً أضرارٌ حِسِّيَّةٌ مِن حيثُ هبوط النشاطِ والحيويةِ وانخفاض المستوى الوظيفي لأجهزةِ الجسمِ الفسيولوجية كافةً، كما أنَّ المُخَدِّراتِ تُعتَبَرُ السَّبَبَ الأساسِيَّ للإصابَة بأشدِّ الأمراض المزمنة والخطرة ومنها السرطان. أمّا بالنسبةِ إلى الآثار النفسية والاجتماعية فتؤدي المخدراتُ إلى إحداثِ تَدَهْوُرٍ(مُسْتَدام) في الوظائف الفعلية والنواحي الإدراكية، إذْ أنَّها تُؤَدِّي إلى آثارٍ سَيِّئَةٍ في النشاطِ والحركة لِمَنْ يعتمِدُ عليها فتظهر علاماتُ الخمولِ وعدم القدرةِ على الاتِّزانِ، ويكونُ ذا تفكيرٍ سَطحِيٍّ وينفعلُ بسرعةٍ لأسبابٍ تافهةٍ. ومِن آثارِها الاجتماعيةِ التي تَنعَكِسُ على الأُسرةِ -إذا كان أحَدُ أفرادِ الأسرةِ مِمَّن يتعاطى المخدراتِ سواءً كانَ الأبُ أو الأمُّ أو الأبناءُ- فإنَّها تُؤدِّي الى اضطرابِ العلاقة داخلَ الأُسرةِ الواحدةِ.
ب- آثارٌ اقتصاديةٌ ودينيةٌ:
إنَّ الكثيرَ مِن مُتعاطِي المُخدراتِ يشتَري المُخَدِّراتِ التي يُفَضِّلُها مهما كانَ ثمنُها لِكَي يُلَبِّيَ احتياجاتِه ويَسُدَّ رَغباتِهِ في تعاطي (مادة مخدرة ما) وذلك يُؤدِّي إلى إهدار الأموال لِشِراء المادَّة المُخَدِّرة التي يحتاجُها فينعكسُ ذلك سَلباً على دخل الأسرة ويُلحِقُ أضراراً بالغةً بالناتج القومي للبلدِ بسببِ المُتاجَرة بأنشطةٍ ممنوعةٍ وكذلك يُلْحَقُ بخسائِرَ اقتصاديةٍ مِن خلال استغلالِ الأراضي الصالحةِ للزراعةِ، أي زِراعةَ المخدراتِ بدلاً من زراعتِها بمحاصيلَ يَنتَفِعُ منها المجتمعُ

أمَّا بالنسبةِ لآثارِها الدينيةِ فإنَّ المُخَدِّراتِ تُعتَبَرُ مَضْيَعَةً للوقتِ ومذهَبَةً للعقلِ حيث يَدْخُلُ مُتَعاطِيها إلى غيبوبة في أثناءِ صَلواتِهِ وعباداتِهِ وتُنافي اليَقْظَةَ التي يفرِضُها دينُنا الحنيفُ على قلبِ المُسْلِمِ.

 وأمّا أهَمُّ أسبابِ تعاطي المخدرات فتكونُ على نوعين:
أ- الأسباب النفسية والاجتماعية:

الأسبابُ النفسيةُ هي تلك الأسبابُ أو الدوافِعُ الشخصيةُ التي تَعْتَلُّ نفسَ الفردِ فتجعلَهُ يتعاطى المخدراتِ، سواءً كانَ هذا التعاطي بصورة منتظمة، أم في مُدَدٍ بحسب المناسبات والظروف، ومِنْ أهم أسبابِهِ هي الضُّغوطُ النفسيةُ الناجمةُ عن التعقيداتِ الحضاريةِ فَتُظْهِرُ على الفردِ الاكتئابَ والتوتُّرَ والقلقَ مِمَّا دفعَ الكثيرَ من الشباب للتعويضِ عنها وذلك من أجلِ إدخال السرورِ على نفسِهِ بسببِ الفشلِ والقلقِ الذي يُعاني مِنهُما وعَدَمِ إشباعِ رغباتِهِ، ونظراً للتَّقَدُّمِ والتطوُّرِ العلميِّ في مجتمعنا ودخولِ التكنلوجيا في حياةِ الناس وأشكالِ الصراعِ الطبقيِّ كُلّ هذه الظواهرِ خَلَّفت وراءَها الكثيرَ من المآسي في مُجتمعِنا بحيثُ أصبحَ الفردُ مُضطَرّاً لمُواجَهةِ هذا العصرِ بِكُلِّ تحدياتِهِ ومُتَطلّباتِهِ المادية، فقد يستطيعُ الفردُ أن يُوَفِّرَ هذه المتطلباتِ إلّا أنَّه سيواجَهُ بالخيبةِ في تأمينِ هذه الاحتياجاتِ مِمّا يؤدِّي إلى الشعورِ بالإحباطِ والفشلِ، وعلى هذا فسوفَ يلجأُ ويتعلقُ بوسائِلَ سهلةٍ تُعِينُه على نِسْيانِ هُمومِهِ وجَلْبِ الرّاحةِ المؤقَّتةِ، وهكذا فإنَّه يُقْبِلُ على تناولِ المادَّةِ المُخَدِّرَةِ فَتَضَعَهُ في عالَمٍ آخَرَ ينسى فيه واقِعَهُ المَريرَ وحياتَهُ المُؤلِمةَ ويُصَوَّرُ له أنَّهُ وَصَلَ في قِمَّةِ السَّعادَةِ فهي ليست إلّا تصوراتٍ وأوهاماً لا تدومُ إلا بَعْضَ السُوَيعاتِ. أمَّا بالنسبةِ لِأهَمِّ أسبابِها الاجتماعيةِ فهي المشكلاتُ الأسَريةُ لِما تُخَلِّفُهُ مِنْ تَفَكُّكٍ أُسَرِيٍّ وأثرِهِ في بيئةِ المجتمع، وهناكَ عوامِلُ أخرى تُساعِدُ في تعاطي المخدرات أيضاً كَأصدقاءِ السُّوءِ مِنْ حيثُ الترغيب أو التقليد للآخرينَ، وكذلك ضَعْفُ الوازِعِ الدينيِّ.

ب- الأسباب الاقتصادية:

إنَّ مِنْ أهَمِّ الأسبابِ الاقتصادية في مُجتَمَعِنا العربيِّ وخاصةً المُجتمع العراقيّ هو انخفاض مستوى المعيشةِ لأنَّهُ قد عانى وما زال يُعاني مِنَ الأزَماتِ والحُروبِ والحِصارِ الاقتصاديِّ الذي أدّى إلى ضَعْفٍ في موارِدِ العَيش وتَدَنِّي المُستوى المعاشي وكثرةِ الفقرِ والبطالةِ، وتجارَةُ المخدِّراتِ هي أحدُ أبرزِ مصادرِ التمويلِ للجماعاتِ الإرهابية في العالَمِ.

وَلِلْحَدِّ من ظاهرة انتشار المُخَدِّرات في مجتمعنا هناكَ بعضُ الحُلولِ يُمكِنُ تلخيصُها بما يلي:

  1.   دور المراكزِ البحثيةِ المتخصصةِ لِلْحَدِّ من ظاهرة انتشار المخدرات في المجتمع.
  2.  دور الإعلام الحُرِّ من حيثُ التوجيه الإرشادي في مُعالجةِ انتشار هذه الظاهرة في المجتمع.
  3.  دور التوجيهِ الإرشادي لَهُ الأَثَرُ الكبيرُ في الحَدِّ من هذه الظاهرةِ في المجتمع.
  4.  الإيمان باللّهِ والقِيَمِ السَّماوِيَّة فَلَهُ دورٌ كبيرٌ في الحَدِّ مِن هذِهِ الظاهِرَةِ.

وأخيرًا نقولُ: (دَعِ القَلَقَ وابْدأ حياتَكَ مِنَ الآنَ وأنتَ كُنْتَ حَيًّا فَجَدِّدْ حياتَك وإنْ كُنْتَ حَزيناً فَكُنْ مَعَ اللهِ يَكُنِ اللهُ مَعَكَ بالإصرارِ والعزيمةِ نَحْوَ حياةٍ أفضل.

المصادر
  1.  مصطفى سليم، قاموس الأنثروبولجية، عربي أنكليزي، ط1، الكويت، 1981، ص400.
  2. معجم العلوم الاجتماعية، اوكتيبة بيروت، لبنان 1977ص 209.
  3.  سمير،سمير، المخدرات الموت الزاحق، دائرة الدراسات والتخطيط والمتابعة، وزارة التعليم، بغداد، 2005،  ص4.
  4. مصطفى سويف، المخدرات والمجتمع، سلسلة عالم المعرفة، كويت، 1996، ص20.
  5. م.د سميرة حسن عطية، دور المراكز البحثية في الحد من ظاهرة انتشار المخدرات وتأثيرها على المجتمع، العدد43، مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية ص202،211.
  6.  أ.د. صلاح حسن أحمد، سيكولوجية الإدمان على المخدرات والكحول، الأسباب والعلاج، العدد(16) لسنة 2017، جامعة العلوم الإسلامية العالمية – كلية العلوم التربوية.
  7.  د. ئاسو صالح سعيد، دور المرشد النفسي والمؤسسات التعليمية لوقاية الشباب من آفة المخدرات، عدد(26-27)، مجلة البحوث التربوية والنفسية ص274-275.

إقرأ ايضا